فدرت وقد عشي بصري عليه ... كما دارت بشاربها العقار
سألت الحي أين دفنتموه ... فقالوا لي بسفح الحي دار
فسرت إليه من بلدي حثيثا ... وطار النوم وامتنع القرار
وحادت ناقتي عن ظل قبر ... ثوى فيه المكارم والفخار
لدى أوطان أروع لم يشنه ... ولم يحدث له في الناس عار
أتغدوا يا كليب معي إذا ما ... جبان القوم أنجاه الفرار
أتغدوا يا كليب معي إذا ما ... حلوق القوم يشحذها الشفار
خذ العهد الأكيد علي عمري ... بتركي كل ما حوت الديار
ولست بخالع درعي وسيفي ... إلى أن يخلع الليل النار
وإلا أن تبيد سارة بكر ... فلا يبقى لها أبداً إثار
وقال مالك بن الريب التميمي يرثي نفسه ويصف قبره. وكان قد خرج مع سعيد بن عفان أخي عثمان لما ولي خراسان، فلما كان ببعض الطريق أراد أن يلبس خفه فإذا بأفعى فيه فلسعته فلما أحس بالموت أنشأ يقول
دعاني الهوى من أهل أود وصحبتي ... بذي الطبسين فالتقت ورائيا
أجبت الهوى لما دعاني بزفرة ... تقنعت منها أن ألام ردائيا
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى ... وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
لعمري لئن غالت خراسان هامتي ... لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
فلله دري يوم أترك طائعا ... بني بأعلى الرقمتين وماليا
ودر الظباء السانحات عيشة ... يخبرن أني هالك من أماميا
تفقدت من يبكي علي فلم أجد ... سوى السيف والرمح الرديني باكيا