قد جمع الشاعر أوصافه عز وجل فإن هذه الصفات باعتبار تجلي حقيقتها الغيبية عليه ظاهرة له بأربعة أوصاف الصفاء واللطف والضياء والروح فهي روح مجر عن كشافات العناصر الأربعة بعيدة عن كل جسم حسي
تقدم كل الكائنات حديثها ... قديما ولا شكل هناك ولا رسم
يريد أن وجود الله قد سبق وجود الكائنات بأجمعها قبلما تبدع الصور الحسية في عالم الكون
وقامت بها الأشياء ثم لحكمة ... بها احتجبت عن كل من لا له فهم
أي بواسطة هذه الحكمة قد خلقت الكائنات وإنما قد خفيت عن الخطأة والذين لم يدركوا الإلهيات
وهامت بها روحي بحيث تمازجا اتحادا ... ولا جر تخلله جرم
يقول أن لفرط شغفه بهذه الحكمة الربانية قد كاد يستحيل إليها
ولا قبلها قبل ولا بعد بعدها ... وقبلية الأبعاد فهي لها حتم
وقالوا شربت الإثم كلا وإنما ... شربت التي في تركها عندي الإثم
إن هذا البيت رد على من اتهمه بشرب الخمرة فيقول إن سكره لا بالخمرة المعتصرة من العنب بل بالعزة الإلهية التي هام بحبها.
هنيئا لأهل الدير كم سكروا بها ... وما شربوا منها ولكنهم هموا
يقول أنه يستطوب الرهبان والعباد الذين شربوا من هذه المدامة بل رغبوا إلى مشاهدة الجمال الإلهي
وعندي منها نشوة قبل نشأتي ... معي أبدا تبقى وإن بلي العظم
يقول إن قلبه تشرب محبة الله فلا يعدمها وإن فاجأته المنية
فما سكنت والهم يوما بموضع ... كذلك لم يسكن مع النغم الغم
فلا عيش في الدنيا لمن عاش صاحيا ... ومن لم يمت سكرا بها فاته الحزم
على نفسه فلبيك من ضاع عمره ... وليس له نصيب ولا سهم
هذا القول إغراء بشرب هذه المدامة السماوية التي أضحت مبدأ كل سرور فإنها حثما حلت تضمحل أكدار العالم وخطوب الدهر