ويتصدق كل يوم من صلب ماله بألف درهم. ويحب العلم وأهله ويعظم حرمات الإسلام. ومن غريب ما اتفق لهارون الرشيد أن لآخاه موسى الهادي لما ولي الخلافة سأل عن خاتم عظيم القدر كان لأبيه المهدي. فبلغه أن الرشيد أخذه فطلبه منه فامتنع من إعطائه فألح عليه فيه فحنق عليه الرشيد. ومر على جسر بغداد فرماه في الدجلة. فلما مات الهادي وولي الرشيد الخلافة أتي ذلك المكان بعينه ومعه خاتم رصاص. فرماه في ذلك المكان فأمر الغطاسين أن يلتمسوه فغاصوا عليه فاستخرجوا الخاتم الأول. فسر به الرشيد وعد ذلك من سعادته وإبقاء ملكه. وكان الرشيد يبكي على نفسه وعلى إسرافه وذنوبه. وكان قاضيه الإمام أبو يوسف. وكان يعظمه كثيرا ويمتثل أمره. وله مناقب لا تحصى ومحاسن لا تستقصى وله أخبار في اللهو واللذات سامحه الله. وفي أول خلافته حج بالناس وفرق مالا كثيرا. وكان حجه ماشيا على اللبود تفرش له منزل إلى منزل. وفي سنة اثنتين وسبعين ومائة بايع الرشيد لعبد الله المأمون بولاية العهد بعد الأمين وولاه خراسان وما يتصل بها إلى همذان ولقبه المأمون وسلمه غلى جعفر بن يحيى البرمكي. وغزا المسلمون بالصائفة فبلغوا أفسس مدينة أصحاب الكهف. واستعمل الرشيد حميد بن معيوب على الأساطيل ممن بسواحل الشام ومصر إلى قبرس فهزم وخرب وسبى من أهلها نحوا من سبعة عشر ألفا وجاء بهم إلى الواقعة