الأمور المعاينة في أرض مصر. ثم عاد راجعا إلى بغداد وبها كانت وفاته (لابن أبي أصيبعة)
هو الإمام حجة الإسلام أبو حامد محمد الغزالي لم تر العيون مثله لساناً وبياناً وخاطراً وذكاء وعلما وعملا. فاق أقرانه من تلامذة الحرمين وصار في أيام إمام الحرمين مفيدا مصنفا والإمام يتبجح به. وكان مجلس نظام الملك مجمع الفضلاء. فوقع لأبي حامد في مجلسه ملاقاة الفحول ومناظرة الخصوم في فنون العلوم فاقبل نظام الملك عليه. وانتشر ذكره في الآفاق فرسم له تدريس المدرسة النظامية ببغداد. وصنف كتبا لم يصنف مثلها. ثم حج وترك الدنيا واختار الزهد والعبادة وبالغ في تهذيب الأخلاق. ودخل بلاد الشام وصنف كتباً كثيرة لم يسبق غلى مثلها في عدة فنون منها المنتحل في علم الجدل. والتبر المسبوك. وإحياء علوم الدين. وهو من أنفس الكتب وأجملها وهو كتاب لا يستغني عنه طالب الآخرة. ثم عاد إلى خراسان مواظبا على العبادات إلى أن انتقل إلى جوار الحق بطوس عن أربع وخمسين سنة (للقزويني)
هو علي ابن حبيب الإمام الجليل القدر الرفيع الشأن أبو الحسن الماوردي صاحب الحاوي والإقناع في الفقه وأدب الدنيا والدين والأحكام السلطانية وقانون الوزارة وسياسة الملك وغير ذلك. وكان إماماً جليلاً رفيع الشأن له اليد الباسطة في المذهب والتفنن التام في سائر العلوم. قال الشيخ أبو اسحاق: درس بالبصرة وبغداد سنين كثيرة. وله مصنفات كثيرة في الفقه والتفسير وأصول الدين والأدب. وجعل عليه القضاء ببلدان كثيرة. وقال ابن خبران: كان رجلاً عظيم القدر متقدماً عند السلطان أحد الأئمة. له التصانيف الحسان في كل فن. ومن كلام الماوردي الدال على دينه ومجاهدته لنفسه ما ذكره في كتاب أدب الدنيا والدين فقال: ومما أنذرك به من حالي أنني صنفت في البيوع كتاباً جمعت له ما استطعت من كتب الناس. وأجهدت فيه نفسي وكدرت فيه خاطري حتى إذا تهذب واستكمل وكدت أعجب به. وتصورت أنني أشد الناس اضطلاعاً لعلمه حضرني وأنا في مجلسي أعرابيان فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل لم أعرف لشيء منها جواباً. فأطرقت مفكراً وبحالي وحالهما معتبرا. فقالا: أما عندك فيما سألناك عنه جواب وأنت زعيم هذه الجماعة. قلت: لا. فقالا: أيها لك. وانصرفا ثم أتيا من يتقدمه في العلم كثير من أصحابي. فسألاه فأجباهما مسرعا بما أقنعهما فكان ذلك زاجر نصيحة ونذير عظة تذلل لهما قياد النفس وانخفض بهما جناح العجب.