هريق فيه ماء الفصاحة. وأضاء له نور الزجاجة. فانهل في صادي الفهم. وأضاء في بهم المرائي. لمتأمله ترقرق. ولمستشفه تألق. يروق المتوسم. ويسر المتبرسم. قد أيدت صدوره متونه. وزهت في وجوهه عيونه. وانقادت كواهله لهواديه. وطابقت آثاره لمستوضحه. وأشبه الروض في وشي ألوانه. وتعمم أفنانه. وإشراق أنواره. وابتهاج أنجاده وأغواره. وأشبه الوشي في اتفاق رقومه. واتساق رسومه. وتسطير كفوفه. وتحبير حروفه. وحكى العقد في التئام فصوله. وانتظام وصوله. وازديان ياقوته بدره. وفريده بشذره. قد كشف الإيجار موارده. وصقلت مداوس الدرب مناصله. وشحذت مدارس الأدب فواصله. فجاء سليما من المعايب مهذبا من الأدناس يتحاشاه الابن. وتتحاماه الهجن. مهديا إلى الأسماع بهجته. وغلى العقول حكمته. وقد قلت في الشعر قولاً جعلته مثلاً لقائليه. وأسلوبا لسالكيه. وهو:

الشعر ما قومت زيغ صدروه ... وشددت بالتهذيب أسر متونه

ورأبت بالإطناب شعب صدوعه ... وفتحت بالإيجاز عور عيونه

وجمعت بين قريبه وبعيده ... ووصلت بين مجمه ومعينه

وعمدت منه لكل أمر يقتضي ... شبها به فقرنته بقرينه

فإذا بكيت به الديار وأهلها ... أجريت للمحزون ماء شؤونه

ووكلته بهمومه وغمومه ... دهراً ولم يسر الكرى بجفونه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015