مرة. وعنده مملوك يحفظه من مرتين وجارية من ثلاث مرات. وكان بخيلا جدا فكان الشاعر إذا أتاه بقصيدة قال له: إن كانت مطروقة بأن يكون أحد منا يحفظها نعلم أنها ليست لك فلا نعطيك لها جائزة. وإن لم نكن نحفظها فنعطيك وزن ما هي فيه مكتوبة. فيقرأ الشاعر القصيدة فيحفظها الخليفة من أول مرة ولو كانت ألف بيت. ويقول للشاعر: اسمعها علي فإني أحفظها وينشدها بكمالها. ثم يقول وهذا المملوك أيضا يحفظها. وقد سمعها المملوك مرتين مرة من الشاعر ومرة من الخليفة فيحفظها ويقرأها. ثم يقول الخليفة: وهذه الجارية التي وراء الستر تحفظها أيضا. وقد سمعتها ثلاث مرات مرة من الشاعر ومرة من الخليفة ومرة من المملوك فتقرأها بحروفها. فيخرج الشاعر صفر اليدين. وكان الأصمعي من جلسائه وندمانه. فنظم أبياتاً مستصعبة ونقشها في أسطوانة ولفها في ملاءة وجعلها على ظهر بعير. ولبس جوخةً بدوية مفرجة من وراء ومن قدام. وضرب له لثاما لم يبين منه غير عينيه وجاء إلى الخليفة وقال: إني امتدحت أمير المؤمنين بقصيدة. فقال يا أخا العرب إن كانت لغيرك فلا نعطيك لها جائزة. وإن كانت لك نعطيك زنة ما هي مكتوبة فيه. قال قد رضيت وأنشد:

صوت صفير البلبل ... هيج قلب الثمل

ألماء والزهر معا ... مع حسن لحظ المقل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015