ملوكهم وبلادهم. فافتخر النعمان بالعرب وفضلهم على جميع الأمم لا يستثني فارس ولا غيرها. فقال كسرى وأخذته عزة الملك: يا نعمان لقد فكرت في أمر العرب وغيرهم من الأمم. ونظرت في حال من يقدم علي من وفود الأمم. فوجدت الروم لها حظا في اجتماع ألفتها وعظم سلطانها. وكثرة مدائنها ووثيق بنيانها. وأن لها دينا يبين حلالها وحرامها. ويرد سفيهها ويقيم جاهلها. ورأيت الهند نحوا من ذلك في حكمتها وطبها مع كثرة أنهار بلادها وثمارها. وعجيب صناعاتها وطيب أشجارها. ودقيق حسابها وكثرة عددها. وكذلك الصين في اجتماعها وكثرة صناعات أيديها وفروسيتها وهمتها في آلة الحرب وصناعة الحديد. وأن لها ملكا يجمعها. والترك والخزر على ما بهم من سوء الحال في المعاش وقلة الريف والثمار والحصون وما هو رأس عمارة الدنيا من المساكن والملابس لهم ملوك تضم قواصيهم وتدبر أمرهم. ولم أر للعرب شيئا من خصال الخير في أمر دين ولا دنيا ولا حزم ولا قوة. ومع أن مما يدل على مهانتها وذلها وصغر همتها محلتهم التي هم بها مع الوحوش النافرة والطير الحائرة. يقتلون أولادهم من الفاقة. ويأكل بعضهم بعضا من الحاجة. قد خرجوا من مطاعم الدنيا وملابسها ومشاربها ولهوها ولذاتها. فأفضل طعام ظفر به ناعمهم لحوم الإبل التي يعافها كثير من السباع لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها. وإن قرى أحدهم ضيقا عدها مكرمة. وإن أطعم أكلة عدها غنيمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015