المقامة البخارية

حدثنا عيسى بن هشام قال: أحلني جامع بخارى وقد انتظمت مع رفقة في سلك الثريا. وحين احتفل الجامع بأهله طلع إلينا ذو طمرين قد أرسل صوانا. واستتلى طفلا عرياناً. يضيق بالضر ويسعه. ويأخذه القر ويدعه. لا يملك غير القشرة بردة. ولا يلتقي لحياة رعدة. فوقف الرجل وقال: لا ينظر لهذا الطفل إلا من رحم الله طفله. ولا يرق لهذا الضر إلا من لا يأمن مثله. يا أصحاب الخروز المفروزة. والأردية المطروزة. والدور المنجدة. والقصور المشيدة. إنكم لن تأمنوا حادثا. ولن تعدموا وارثا. فبادروا الخير ما أمكن. وأحسنوا مع الدهر ما أحسن. فقد والله طمعنا السكباج. وركبنا الهملاج. ولبسنا الديباج. وافترشنا الحشايا بالعشايا. فما راعنا غلا هبوب الدهر بغدره. وانقلاب المجن لظهره. فعاد الهملاج قطوفا. والديباج صوفا. وهلم جرا إلى ما تشاهدون من حالي وزيي. فها نحن نرتضع من الدهر ثدي عقيم. ونركب من الفقر ظهر بهيم. فلا نرنو إلا بعين اليتيم. ولا نمد إلا يد العديم. فهل من كريم يجلو غياهب هذه البؤوس. ويفل شبا هذه النحوس. ثم قعد مرتفقا وقال للطفل: أنت وشأنك. فقال: ما عسى أن أقول وهذا الكلام لو لقي الشعر لحلقه. أو الصخر لفلقه. وإن قلبا لم ينضجه لنيئ. وقد سمعتم يا قوم ما لم تسمعوا قبل اليوم. فليشغل كل منكم بالجود يده. وليذكر غده. واقياً بي ولده. وامنحوني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015