وجهه لشدة الهجمة. وفرط الزحمة. فإذا هو قراد يرقص قرده. ويضحك من عنده. فرقصت رقص المحرج. وسرت سير الأعرج. فوق رقاب الناس يلفظني عاتق هذا لسرة ذاك. حتى افترشت لحية رجلين. وقعدت بعد الأين. وقد أشرقني الخجل بريقه. وأرهقني المكان بضيقه. ولما فرغ القراد من شغله. وانتفض المجلس عن أهله. قمت وقد كساني الدهش حلته. لأرى صورته. فإذا هو والله أبو الفتح الإسكندري. فقلت: ما هذه الدناءة ويحك. فأنشأ يقول:

ألذنب للأيام لا لي ... فاعتب على صرف الليالي

بالحمق أدركت المنى ... ورفلت في حلل الجمال

المقامة العلمية

حدثنا عيسى بن هشام قال: كنت قي بعض مطارح الغربة مجتازا فإذا أنا برجل يقول لآخر: بم أدركت العلم وهو يجيبه. قال: طلبته فوجدته بعيد المرام. لا يصطاد بالسهام. ولا يقسم بالأزلام. ولا يرى في المنام. ولا يضبط باللجام. ولا يورث عن الأعمام. ولا يستعار من الكرام. فتوسلت إليه بافتراش المدر. واستناد الحجر. ورد الضجر. وركوب الخطر وإدمان السهر. واصطحاب السفر وكثرة النظر. وإعمال الفكر. فوجدته شيئا لا يصلح إلا للغرس. ولا يغرس إلا في النفس. وصيدا لا يقع إلا في الندر. ولا ينشب إلا في الصدر. وطائرا لا يخدعه إلا قنص اللفظ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015