حدث الناصر بن فتاح قال: سافرت إلى جو نفور. مع جماعة من مندسور. ولما قربنا منها قلت لهم: أين تنزلون فيها. قالوا: في بعض مدارسها. فقلت لهم: أنا سأنزل في بيت واليها وحارسها. لأني امتدحته بأبيات رائية. وأرجو أن يجيزني بجائزة سنية. فذهبت إلى دار الأمير. فوجدتها قد جمعت الصغير والكبير. فتأملته فإذا هو قد جمع بين الفقه والأدب. وحاز طرفي الكمال الغريزي والمكتسب. واحتوى على المنثور والمنظوم. ويفتي في جميع العلوم. والطلبة واقفون بين يديه. يرفعون أسئلتهم إليه. ثم لما فرع من الدرس في المنقول. شرع يدرس في علم المعقول. ثم قصده الشعراء بقصائدهم وأبياتهم. وهو يعطيهم على حسب نياتهم. فعند ذلك صغرت نفسي في عيني. وأخفيت الأبيات بعينها خوفا من ظهور شيني. فلم يلبث أن قام شاب وأنشد الأبيات بعينها بعد أن نقص منها جزءين. والجماعة يبالغون في تحسينها وهي هذه:
يا صاحب النفس الأبية م والنهى حزت المدى