سمعتني أقول: خذوا خذوا فتعال فأطلقني. وقال لابن براق: إني سآمرك لستاسر للقوم ولا تنأ عنهم ولا تمكنهم من نفسك. ثم مر تأبط شراً حتى ورد الماء فحين كرع من الحوض شدوا عليه فأخذوه وكتفوه بوتر. وطار الشنفرى وأتى حيث أمره وأنحاز ابن البراق حيث يرونه. فقال تأبط شراً: يا معشر بجيلة هل لكم في خير أن تياسرونا في الفداء ويستأسر لكم ابن براق. قالوا: نعم. فقال: ويلك يا ابن براق أما الشنفرى فقد طار وهو يصطلي بنار بني فلان. وقد علمت ما بيننا وبين أهلك فهل لك أن تستأسر ويياسرونا في الفداء. قال: لا والله حتى أروز نفسي شوطا أو شوطين. فجعل يستن نحو الجبل ويرجع حتى إذا رأوا أنه أعيا طمعوا فيه فاتبعوه. ونادى تأبط شراً: خذوا خذوا. فخالف الشنفرى إلى تأبط شراً: يا معشر بجيلة أأعجبكم عدو ابن براق. أما والله لأعدون لكم عدواً ينسيكم عدوه. ثم أحضر ثلاثتهم فنجوا. ففي ذلك يقول تأبط شراً:

ليلة صاحوا وأغروا بي سراعهم ... بالعيكتين لدى معدي بن براق

كأنما حثحثوا حصا قوادمه ... أو أم خشف بذي شث وطباق

لا شيء أسرع مني غير ذي عذر ... أو ذي جناح بجنب الريد خفاق

فكل هؤلاء الثلاثة كانوا عدائين ولم يسر المثل إلا بالشنفرى

أندم من الكسعي

هو غامد بن الحرث. ومن حديث الكسعي أنه خرج يرعى أبله في واد فيه حمض وشوحط. فرأى قضيب شوحط نابتا في صخرة صماء ملساء. فقال: نعم منبت العود. في قرار الجلمود. ثم أخذ سقاءه فصب ما كان فيه من ماء في أصله فشربه لشدة ظمائه وجعل يتعاهده بالماء سنة حتى سبط العود وبسق واعتدل. فقطعه وجعل يقوه ويقوم أوده حتى صلح. فبراه قوسا وهو يرتجز ويقول:

ادعوك فاسمع يا إلهي جرسي ... يا رب شددني لنحت قوسي

وأنفع بقوسي ولدي وعرسي ... فإنها من لذتي لنفسي

انحتها صفراء لون الورس ... صلداء ليست مثل قوس النكس

ثم برى بقيته خمسة أسهم وهو يرتجز ويقول:

هن لعمري خمسة حسان ... يلذ للرمي بها البنان

كأنما قوامها ميزان ... فابشروا بالخصب يا صبيان

أن لم يعقني الشؤم والحرمان ... أو يرمني بكيده الشيطان

ثم أخذ قوسه وأسهمه وخرج إلى مكمن كان مورد الحمر في الوادي. فوارى شخصه حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015