الأرض وعمروها قد بعدوا وأنسي ذكرهم وصاروا كلا شيء. ألا وقد أبقى الله عليهم التبعات وقطع عنهم الشهوات. ومضوا والأعمال أعمالهم والدنيا دنيا غيرهم. وبقينا خلفاً بعدهم. فإن نحن اعتبرنا بهم نجونا وإن اغتررنا كنا مثلهم. أين الوضاء الحسنة وجوههم المعجبون بشبابهم. صاروا ترابا وصاروا ما فرطوا فيه حسرة عليهم. أين الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحوائط وجعلوا فيها الأعاجيب قد تركوها لمن خلفهم. فتلك مساكنهم خاوية وهم في ظلمات القبور. هل تحس فيهم من أحد وتسمع لهم ركزا. أين من تعرفون من أبنائكم وإخوانكم قد انتهت بهم آجالكم. فوردوا على ما قدموا فحلوا عليه وأقاموا للشقوة والسعادة بعد الموت. ألا إن الله ليس بينه وبين أحد من خلقه سبب يعطي به خيرا ولا يصرف به عنه سوء إلا بطاعته وإتباع أمره. واعلموا أنكم عبيد مدينون وأن ما عنده لا يدركه إلا بطاعته. أما إنه لا خير بخير بعده النار ولا شر بشر بعده الجنة (من تاريخ الطبري باختصار)
(حمد الله وأثنى عليه ثم قال) : أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله ولزوم طاعته وتقديم العمل وترك الأمل. فإنه من فرط في عمله. لم ينتفع بشيء من أمله. أين التعب بالليل والنهار. المقتحم للجج البحار. ومفاوز القفار. يسير من وراء الجبال. وعالج الرمال.