الباب السابع عشر في النوادر

مدينة الزهراء في الأندلس

كان الخليفة عبد الرحمان الناصر كلفاً بعمارة الأندلس وإقامة معالمها وتخليد الآثار الدالة على قوة الملك وعزة السلطان. فأفضى به الإغراق في ذلك إلى أن ابتنى مدينة الزهراء البناء الشائع ذكره المنتشر صيته. واستفرغ جهده في تنميقها وإتقان قصورها وزخرفة مصانعها. فاستدعى عرفاء المهندسين وحشد برعاء البنائين من كل قطر فوفدوا عليه حتى من بغداد والقسطنطينية. ثم أخذ في بناء المستنزهات وأنشأ مدينة الزهراء الموصوفة بالقصور الباهرة. وأقامها بطرق البلد على ضفة نهر قرطبة. ونسق فيها كل اقتدار معجز ونظام. وكان قصر الخليفة متناهياً في الجلالة والفخامة. أطبق الناس على أنه لم يبن مثله في الإسلام البتة. وما دخل إليه أحد من سائر البلاد النائية والنحل المختلفة إلا وكلهم قطع أنه لم ير له شبهاً بل لم يسمع به بل لم يتوهم كون مثله. ولو لم يكن فيه إلا السطح الممرد المشرف على الروضة المباهي بمجلس الذهب والقبة. وعجيب ما تضمنه من إتقان الصنعة وفخامة الهمة وحسن المستشرف وبراعة الملبس والحلة ما بين مرمر مسنون وذهب مصون وعمد كأنما أفرغت في القوالب. وتماثيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015