إليك تسير الناس شرقاً ومغرباً ... فرادى وأزواجاً كأنهم نحل
قال: أحسنت يا أخا العرب. فإن قال لك الفضل: أنشدنا غير الاسم والكنية والقافية. قال: والله لئن زادني الفضل وامتحنني بعدها لأقولن أربعة أبيات ما سبقني إليهن عربي ولا أعجمي. ولئن زادني بعدها لأجمعن قوائم ناقتي هذه وأجعلها في فم الفضل. ولأرجعن إلى قضاعة خاسراً ولا أبالي. فنكس الفضل رأسه وقال للأعرابي: يا أخا العرب أسمعني الأبيات الأربعة. قال أقول:
ولائمة لامتك يا فضل في الندى ... فقلت لها هل يقدح اللوم في البحر
اتنهين فضلاً عن عطاياه للورى ... فمن ذا الذي ينهى السحاب عن القطر
كأن نوال الفضل في كل بلدة ... تحدر ماء المزن في مهمه قفر
كأن وقود الناس ف كل وجهة ... إلى الفضل لاقوا عنده ليلة القدر
قال: فأمسك الفضل عن فيه وسقط على وجهه ضاحكاً. ثم رفع رأسه وقال: يا أخا العرب أنا والله الفضل بن يحيى. سل ما شئت. فقال: سألتك بالله أيها الأمير إنك لهو. قال: نعم. قال له: فأقلني. قال: أقالك الله اذكر حاجتك. قال عشرة آلاف درهم. قال الفضل: ازدريت بنا وبنفسك يا أخا العرب. تعطى عشرة آلاف درهم في عشرة آلاف وأمر بدفع المال. فلما صار المال إليه حسده وزير الفضل وقال: يا مولاي هذا إسراف. يأتيك جلف من أجلاف العرب بأبيات استرقها من أشعار العرب فتجزيه بهذا المال.