وجعلني مع الفرسان لرأى مني ما يعجبه. قال الراوي: فتعجب الحجاج من ثبات عقله ومنطقه. ثم قال: يا جحدر إني قاذف بك في حفائر بها أسد عظيم. فإن قتلك كفانا مؤنتك. وإن قتلته عفونا عنك. قال: أصلح الله الأمير. قرب الفرج إن شاء الله تعالى. فأمر به فصفدوه بالحديد ثم كتب لعامله أن يرتاد له أسداً عظيماً ويحمله إليه. فارتاد له العامل أسداً كريه المنظر كاشراً خبيثاً قد أفنى عامة المواشي. وأمر بأن يصير في قفص حديد ويسحب القفص على عجل. فلما قدم به على العجل إلى الحجاج أمر به فألقي في الحفائر ولم يطعم شيئاً ثلاثة أيام حتى جاع واستكلب. ثم أمر بجحدر أن ينزلوه إليه فأعطوه سيفاً وأنزلوه إليه مقيداً وأشرف الحجاج عليه والناس حوله ينظرون إلى الأسد ما هو صانع بجحدر. فلما نظر الأسد إلى جحدر نهض ووثب وتمطى وزأر زئيراً دوى منه الجبال وارتاعت منه أهل الأرض. فشد عليه جحدر وهو يقول:

ليث وليث في مجال ضنك ... كلاهما ذو قوة وسفك

وصولة وبطشة وفتك ... إن يكشف الله قناع الشك

فأنت لي في قبضتي وملكي

ثم دنا منه وضربه بسيفه ففلق هامته. فكبر الناس وأعجب الحجاج. وقال: الله درك ما أنجدك. ثم أمر به فأخرج من الحفائر وفك وثاقه وقيده. وقال له: اختر إما أن تقيم عندنا فنكرمك ونقرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015