حكي أنه بينما كان عمر بن الخطاب جالساً في بعض الأيام وعنده أكابر الصحابة. وأهل الرأي وإلهابة. وهو في القضايا. يحكم بين الرعايا. إذ أقبل شاب من أحسن الشباب. نظيف الأثواب. يكتنفه شابان من أحسن الشباب أيضاً. وقد جذباه وسحباه. وأوقفاه بين يدي أمير المؤمنين ولبباه. فلما وقفوا بين يديه. نظر إليهما وإليه. فقالا: يا أمير المؤمنين نحن أخوان شقيقان. جديران بإتباع الحق حقيقان. كان لنا أب شيخ كبير. حسن التدبير. معظم في قبائله. منزه عن رذائله. معروف بفضائله. ربانا صغاراً. وأولانا غزاراً. كما قيل في المعنى:
لنا والد لو كان للناس مثله ... أب آخر أغناهم بالمناقب
فخرج اليوم إلى حديقة له يتنزه في أشجارها. ويقتطف يانع أثمارها. فقتله هذا الشاب. وعدل عن طريق الصواب. فنسألك القصاص عما جناه. والحكم فيه بما أمرك الله. قال الراوي: فنظر عمر إلى الشاب. وقال له: قد سمعت فما الجواب. والغلام مع ذلك ثابت الجنان. خال من الاستيحاش. قد خلع ثياب الهلع. ونزع لباس الجزع. فتبسم عن مثل الجمان. وتكلم بأفصح لسان. وحيا بكلمات حسان. ثم قال يا أمير المؤمنين والله لقد وعيا. في ما ادعيا. وصدقا فيما نطقا. وأخبرا بما جرى. وعبرا عما طرا. وسأنهي