سالم من المناقضة. خال من المعارضة. حاكم يقطع الخلاف. مؤد إلى الإنصاف والانتصاف. وبه حفظ الأعمال. ونظام الأموال. وقوام أمور الملوك والتجار. وثبات قوانين البلاد والأمصار. قيل: فالعروض. قال: ميزان الشعر وعيار النظم. ورائض الطبع وسائس الفهم. وبه يعرف الصحيح من المريض. وفلك عليه مدار القريض. قيل: فالخط. قال: لسان اليد ولهجة الضمير. ووحي الفكر وناقل الخبر. وحافظ الأثر. وعمدة الدين والدنيا. ولقاح اللفظ والمعنى. فهذا آخر ما حكي عن الجاحظ في مدح العلوم (طرائف اللطائف) .
قال ابن الأثير: لقد وقفت من الشعر على كل ديوان ومجموع. وأنفدت شطراً من العمر في المحفوظ منه والمسموع. فألفيته بحر لا يوقف على ساحله. وكيف ينتهي إحصاء قول لم تحص أسماء قائله. فعند ذلك اقتصرت منه على ما تكثر فوائده. وتتشعب مقاصده. ولم أكن ممن أخذ بالتقليد والتسليم. في إتباع من قصر نظره على الشعر القديم. إذ المراد من الشعر إنما هو إبداع المعنى الشريف. في اللفظ الجزل اللطيف. فمتى وجدت ذلك فكل مكان خيمت فهو بابل. وقد اكتفيت من هذا بشعر أبي تمام حبيب بن أوس وأبي عبادة الوليد وأبي الطيب المتنبئ. وهؤلاء الثلاثة عن لات الشعر وعزاه ومناته. الذين ظهرت على أيديهم حسناته ومستحسناته. وقد حوت أشعارهم