عالمي الماء والهواء. فأنا في البر سائح وفي البحر سابح. وفي الهواء سارح. وقد جعلت البحر مركز عزي. ومعدن كنزي. فأغوص في صفاء تلاليه. فأجتلي جواهر لآليه. وأطلع فيه على حكمه ومعانيه. ولا يعرف ذلك إلا من يعانيه. فمن وقف على ساحله. لم يظفر إلا بزبده وأجاجه. ومن لم يحذر من دواخله ولجاجه. غرق في متلاطم لججه وأمواجه. فالسعيد من ركب قارب قرباته. ورفع قلوع تضرعاته. متعرضاً لنسمات نفحاته. ماداً لبان رجائه بجذباته. ثم قطع كثائف ظلماته. فوصل إلى مجمع بحري ذاته وصفاته. فهنالك يقع على عين حياته فيرد من عذبه وفراته:
يا طالباً للمعالي ... مهر المعالي غالي
قدم فأول نقد ... معجل الآجال
ما استعذب الموت إلا ... من ذاق ذوق الرجال
حماه دون الوصال ... حماة حد النصال
كذا القصور العوالي ... حفت بسمر العوالي
والشهد دون جناه ... لدغ كحد النبال
قد طاف حول حماه ... ذوو الجدود العوالي
وصابروا في هواه ... عليه مر النكال
صاموا وبالذكر قاموا ... في مظلمات الليالي
إن كنت بطال فاترك ... منازل الأبطال