يا بني الذي لا ناصح له مثلي ولا منصوح لي مثله. قدمت لك في هذا النظم ما إن أخطرته بخاطرك في كل أوان رجوت لك حسن العافية إن شاء الله تعالى. وإن أخف منه للحفظ وأعلق بالفكر وأحق بالتقدم قول الأول:

يزين الغريب إذا ما اغترب ... ثلاث فمنهن حسن الأدب

وثانية حسن أخلاقه ... وثالثة اجتناب الريب

واصغ يا بني إلى البيت الذي هو يتيمة الدهر وسلم الكرم والصبر:

ولو أن أوطان الديار نبت بكم ... لسكنتم الأخلاق والآدابا

إذ حسن الخلق أكرم نزيل. والأدب أرحب منزل. ولتكن كما قال بعضهم في أديب متغرب: وكان كلما طرأ على ملك فكأنه معه ولد وإليه قصد. غير مستريب بدهره. ولا منكر شيئاً من أمره. وإذا دعاك قلبك إلى صحبة من أخذ بمجامع هواه فاجعل التكلف له سلماً وهب في روض أخلاقه هبوب النسيم. وحل بطرفه حلول الوسن. وانزل بقلبه نزول المسرة حتى يتمكن لك وداده. ويخلص فيك اعتقاده. وطهر من الوقوع فيه لسانك. وأغلق سمعك ولا ترخص في جانبه لحسود لك منه يريد إبعادك عنه لمنفعته. أو حسود له يغار لتجمله بصحبتك. ومع هذا فلا تغتر بطول صحبته ولا تتمهد بدوام رقدته. فقد ينبهه الزمان. ويتغير منه القلب واللسان. وإنما العاقل من جعل عقله معياراً وكان كالمرآة يلقى كل وجه بمثاله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015