وَلمّا اسْتُدِلَّ عَلى هَذا المعْتَرِض ِ، بقوْل ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الأَرْضُ كلهَا مَسْجِدٌ إلا َّ المقبَرَة َ وَالحمّامَ»، وَهُوَ عِنْدَ الإمَامِ أَحْمَدَ فِي «مُسْنَدِهِ» (3/ 83، 96) وَالتِّرْمِذِيِّ فِي «جَامِعِهِ» (317) وَغيْرِهِمَا مِنْ حَدِيْثِ أَبي سَعِيْدٍ الخدْرِيِّ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ، وَصَحَّحَهُ ابنُ حِبّانَ وَالحاكِمُ وَابْنُ حَزْمٍ وَغيْرُهُمْ، وَجَوَّدَ إسْنَادَهُ شَيْخنا ابنُ بازٍ رَحِمَهُم الله ُجَمِيْعًا.
قالَ المعْترِضُ رَادًّا لهُ: (إنَّ حَدِيْثَ الاسْتِثْنَاءِ «إلا َّ المقبَرَة َ وَالحمّامَ» لا يَكفِي لِتحْرِيْمِ الصَّلاةِ فِي المقبَرَةِ، وَذلِك َ لِلأَسْبَابِ التّالِيةِ:
أَوّلا ً: تنَازُعُ العُلمَاءِ فِي ثبوْته.
ثانيًا: الخلافُ فِي مَعْنى «المقبَرَةِ»، هَلْ يَعْنِي المكانَ الذِي يُدْفنُ فِيْهِ الميِّتُ، أَوِ المكانَ المعَدَّ لِذَلِك؟ الرّاجِحُ الثّانِي، وَلِبيان ِذلِك َ يحْتاجُ إلىَ كلامٍ طوِيْل ٍ، رَاجِعْ رِسَالة َ «الجوْهَرَة».
ثالِثا: وَهَذَا هُوَ الذِي يُعَوَّلُ عَليْهِ: أَنَّ الحدِيْثَ مَنْسُوْخٌ بحدِيثِ: «جُعِلتْ لِيَ الأَرْضُ كلها مَسْجِدًا وَطهُوْرًا»،
وَهذَا مَذْهَبُ أَكثرِ الفقهَاءِ، وَعُلمَاءِ الحدِيْثِ كالبخارِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَغيْرِهِمَا.