وآتينا معناه أعطينا، والألف فيه مبدلةٌ من همزة فاء الفعل فوزنه أفعلنا، وأصله أَأْتينا، فأبدلت همزة فاءِ الفعل مدًّا مجانسًا لحركة فاء أفعل، على القاعدة التصريفية المجمع عليها المشهورة التي عقدها ابن مالك في الخلاصة بقوله:

ومدًّا ابدلْ ثانيَ الهمزين منْ ... كلْمةٍ انْ يسكنْ كآثِرْ وائتمنْ

وصيغة الجمع للتعظيم، ومعنى آتينا: أعطينا، وهي تطلب مفعولين، والمفعول الأول لآتينا موسى هو موسى، والثاني الكتاب، وهذه من باب كسا، ومعلومٌ عند علماء العربية أن الفرق الواضح بين باب ظن وباب كسا -مع أنَّ كلًّا منهما تنصب مفعولين- هو أنْ تحذف الفعل من كلا البابين، ثم تجعل المفعولين مبتدأ وخبرًا فإنْ صدقت القضية فهي من باب ظن وإنْ كذبت فهي من باب كسا، وهذا ضابطٌ مطردٌ مفيدٌ لطالبِ العلم، فلو قلت مثلًا ظننت زيدًا قائمًا، وجعلت المفعولين مبتدأً وخبرًا فقلت: زيدٌ قائمٌ كان كلامًا مستقيمًا، هذا من باب ظن بخلاف: كسوتُ زيدًا ثوبًا، وسقيتُ عمروًا ماءً، {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} لو حذفت الفعل منها، وقلت: زيدٌ ثوبٌ، وعمرو ماءٌ، وموسى الكتابُ فهذه القضيةٌ كاذبة، فدل على أنها من باب كسا، والمراد بالكتاب التوراة بإجماع العلماء، والتحقيق أن المراد بالفرقان هو التوراة أَيضًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015