وقوله: {سُوءَ الْعَذَابِ}؛ أي: يذيقونكم ويولونكم سوء العذاب؛ أي: أصعب العذاب، وأشده، وأفظعه؛ لأنَّهم كانوا يعذبونهم بأنواع من العذاب شاقةٍ ذكر الله بعضًا منها هنا حيث قال: {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} فالفعل المضارع الذي هو يذبِّحون بدلٌ من المضارع الذي قبله، الذي هو يسومونكم على حدِّ قوله في الخلاصة:

ويُبدلُ الفعلُ من الفعلِ كمنْ ... يصلْ إلينا يستعِنْ بنا يُعَنْ

وإنَّما عبَّر بالتشديد في قراءة الجمهور في قوله: {يُذَبِّحُونَ} دلالة على الكثرة؛ لأنَّهم ذبحوا كثيرًا من أبنائهم، يذبحون أبناءكم؛ أي: الذكور، ويستحيون نساءكم؛ أي: بناتكم الإناث يُبقوهن حَيَّاتِ، والنساء على التحقيق: اسمُ جمع لا واحدَ له من لفظه، واحدته امرأة، وفي هذه الآية سؤالٌ معروف؛ لأنَّ الله لما ذكر أنَّهم ساموهم سوء العذاب فسَّر قوله: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} بالبدل بعده، وبَيَّنَ أن من ذلك العذاب العظيم السيء تذبيح الأبناء، واستحياء البنات.

وفي هذا سؤالٌ، وهو أنْ يُقال: تذبيح الأبناء ظاهر أنَّه من ذلك العذاب الذي يسومونهم، أما استحياء البنات وهو قوله: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}، فأين وجهُ كون هذا من سوء العذاب، مع أنَّ إبقاء البعض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015