إن وظيفة الرسل، ووظيفة أتباع الرسل وهي تعبيد الناس لله عز وجل، فنحن جميعاً عبيد لله عز وجل، والعبد لا يجوز له أن يعمل ويؤدي إلى غير سيده، بل يجب عليه أن يعمل ويؤدي إلى سيده، فلا يجوز لنا أن نعمل عملاً لا نرجو به وجه الله، فينبغي أن تكون كل الأقوال وكل الأعمال وكل الأحوال لله عز وجل، كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162 - 163]، فنحن وأموالنا وأوقاتنا وزوجاتنا وأولادنا ملك لله عز وجل، فلا يجوز لنا أن نعمل عملاً لغير الله، بل ينبغي أن يكون لله عز وجل.
كثير من الناس يظن أن العبد لو كان كل عمله لله عز وجل فإنه لا يجد سعادة وراحة وحياة طيبة، وهذا من جهلهم بدين الله عز وجل، ومن جهلهم بما تسعد به النفوس، فهم يظنون أنهم لا يمكن أن يسعدوا حتى ينسلخوا من الشرع المتين، وحتى يتبعوا الشياطين، لكن القلوب التي خلقها الله عز وجل بين تعالى أنها لا تسعد إلا به، ولا تطمئن إلا بذكره، كما قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28]، فالله عز وجل كما خلق العين للإبصار والأذن للسماع واللسان للتحدث والذوق، خلق القلب لمعرفة الله عز وجل وتوحيده، فمهما تعلق بغير الله فمآله إلى التعاسة والشقاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد القطيفة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش)، فالقلب لا يسعد إلا بالله عز وجل، ففي القلب فقر وحاجة واضطرار إلى الله عز وجل، فإذا تعلق بالله، وعُبِّد له سعد بذلك في الدنيا والآخرة، وإذا عُبِّد لغير الله فالتعاسة والشقاء في الدنيا والآخرة.