قوله " يقال محبسها أدنى لمرتعها " أي محبسها على الجدب أدنى لأن ترتع، لأنها إذا حالفت قوماً ذلت ولم يرعوها إلا ما أرادوا. " ولو تعادى ببكء " أي ولو ذهبت ألبانها كلها.
حتى تركنا وما تثنى ظعائننا ... يأخذن بين سواد الخط فاللوب
أي حتى تركنا أعزاء تذهب ظعائننا حيث شاءت لا تمنع قال أبو العباس: ويقال: جبن وجبن، وقطن وقطن، وجبان بين الجبن والجبن، مشدد وغير مشدد.
وأنشدنا أبو العباس:
ترى في سنا الماوى بالعصر والضحى ... على عفلات الزين والمتجمل
وجوهاً لو أن المدلجين اعتشوا بها ... صدعن الدجى حتى ترى الليل ينجلى
فلا تذكرا عندي فضيلة إنه ... متى ما يراجع ذكرها القلب يجهل
وتعلم نزيعات الهوى أن حبها ... تبيغ منى كل عظم ومفصل
كما اتبعت صهباء صرف مدامة ... مشاش المروى ثم لما تنصل
فأصبحن يصرفن النوى بين عالج ... وبين النقا صرف الأديب المذلل
وهذا مثل قوله:
يأخذن بين سواد الخط فاللوب
وقال أبو العباس في قوله تعالى: " وصبغ للآكلين " قال: هو الزيت يصطبع به. وقال في قوله " فيم أنت من ذكراها ": لا تعد لذكراها. وقال في قوله تعالى: " صلوا عليه وسلموا تسليماً ". قولوا: السلام عليك يا رسول الله.
إن عبد الله قام أقم، قال الفراء: إن أضمر مجهولاً رفع لا غير، وإذا أضمر غير مجهول رفع ونصب. قال: والشروط كلها يتقدمها المستقبل والماضي، والدائم، وإن لا يتقدمها إلا مستقبلها.
" أولئك ينادون من مكان بعيد " قال: يقال للبليد الذي لا يسمع ما يقال له: إنما ينادى من مكان بعيد.
قولنا صلى الله وسلم على محمد أي زاده الله بركة ورحمة، وثوابها لنا ليس له، صلى الله عليه وسلم.
" إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً " قالت: أنا أعوذ بالله أن تفعل مالا ينبغي إن كنت تتقي. " ليس كمثله شئ " أي ليس كهو. " يذرؤكم فيه ": يكثركم فيه، الهاء راجعة على الخلق. " أكاد أخفيها أريد أسترها؛ ومن قال أخفة قال أظهر. " وأسروا الندامة قال: من رؤسائهم. " ليس لها من دون الله كاشفة ": لا يكشفها إلا رب العالمين.
آخر الجزء الخامس من أمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى، والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين
ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، قال: حدثني عبد الله بن شبيب قال: جلس عبيد الله بن الحسن يوماً، وهو والى المدينة ومكة، للناس، فذكروا الشعر والشعراء، فقال عبد الملك بن عبد العزيز، ابن الماجشون، فقيه أهل المدينة: أشعر الناس خارجة بن فليح المكى، حيث يقول في مديح أبي بكر بن عبد الله الزبيري:
كأن على عرنينه وجبينه ... شعاعين لاحا من سماك وفرقد
هو السابق التالي أباه كما تلا ... أبوه أباه سيد وابن سيد
أهابك إجلالاً وأرجوك للتي ... تلين بها للراغب المتردد
قال فقال أبو عبد الله زبير: كنت وحسن بن عبيد الله - وأبوه إذ ذاك وال - وابن الماجشون جلوساً فذكر الحسن الشعر والشعراء، فقال عبد الملك: خارجة أشعر الناس في مديح لأبي بكر هذا حين يقول:
ما تدلك الشمس إلا حذو منكبه ... في حومة تحتها الهامات والقصر
آل الزبير نجوم يستضاء بهم ... إذا دجا الليل من ظلماته زهروا
قوم إذا شومسوا لج الشماس بهم ... ذات العناد، وإن ياسرتهم يسروا
خص المديح أبا بكر ووالده ... وعمهم منك إن غابوا وإن حضروا
وقال أبو العباس: وأنشدني عمر بن شبة وغيره، قال أبو يحيى الزهرى: أنشدنيه غير واحد من أصحابنا، منهم سعد بن عمرو، لعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود:
تغلغل حب عثمة في فؤادى ... فبادى مع الخافي يسير
تغلغل حيث لم يبلغ شراب ... ولا حزن ولم يبلغ سرور
شققت القلب ثم ذررت فيه ... هواك فليم فالتام الفطور
وأنشد له:
ألا من لنفسي لا تموت فينقضي ... عناها ولا تحيا حياة لها طعم