قال أبو العباس: أتيت محمد بن سلامٍ الجمحي لما قدم من البصرة لأقرأ عليه الأشعار والأخبار التي يرويها، فلما عرفني برني وأكرمني، فقال لي: أسألك عن أبيات؟ فقلت له: سل. فقال: ما معنى قول الفرزدق:
تكاد آذانها في الماء تقصعها ... بيض الملاغيم أمثال الخواتيم
فقلت: يصف حميرا تشرب، وأراد الحلقوم والمريء. ويروى: ((تقصفها)) ، أراد من شدة جرعها تضرب فتكاد تنقصف.
قال أبو العباس ثعلب: سألت الأثرم عن هذا البيت فقال لي: سألت أبا عبيدة عنه فأجابني بهذا وقال: الهاء والألف للآذان. وقال: يروى ((أمثال الخواتيم)) ، أي تجرع جرعا كالخواتيم، وأراد الدارات التي فيه كأنها حلق. قال ثعلب: شبه جرعها بالخواتيم، وأراد لما وردت الماء انغمست جحافلها في الماء حتى يكاد الماء يبلغ آذانها.
قال: فما تقول في قول علقمة:
سلاءة كعصا النهدي غل لها ... ذو فيئةٍ من نوى قران معجوم
قلت: يعني فرسا شبهها بشوك النخلة لإرهاف صدرها وتمام عجزها. وكذلك خلقة الشوكة يقول: خلقتها خلقة الشوكة. وهذا