وجدت بخط أبي نصر أحمد بن حاتم قال: اجتمعت أنا ومحمد بن زياد الأعرابي فسألته عن قول طفيل الغنوي:
تتابعن حتى لم يكن لي ريبةٌ ... ولم يك عما خبروا متعقب
فقلت له: ما معنى متعقب؟ فقال: تكذيب. فقلت له: أخطأت. وقولي له ((أخطأت)) بعدما سفه علي. ثم قلت له: إنما قوله ((متعقب)) : أن تسال عن الخبر ثانيةً بعد ما سألت عنه أول مرة. يقال تعقبت الخبر، إذا سألت عنه غير من كنت سألته عنه أول مرة. ومنه يقال: عقبت في الغزو، إذا غزوت ثم ثنيت من سنتك.
وقوله: ((تتابعن)) يعني الأخبار. وقال في مثله طفيل:
وأطنابه أرسان جردٍ كأنها ... صدور القنا من بادئٍ ومعقب
فأراد أن أطناب البيت أرسان الخيل. وجرد: قصار الشعر. وقوله ((كأنها صدور القنا)) : في طولها، وأراد كأنها القنا. والعرب تفعل هذا، كقولك: جاء فلان على صدر راحلته، وإنما يريد على راحلته. وقوله: ((من بادئٍ ومعقب)) ، يريد من فرس بادئٍ غزا أول مرة، ومعقب ثانية. ومنه يقال: صلى فلانٌ أول الليل ثم عقب، يريد صلى ثانية.