فهذا المعنى في اليقين المتقدم، هو الذي جعل هذا معرفة وخصة ونصبه، كنصب يا رجلا في بابه.

ومثل نصب هذا قولك للرجل تسمية عاقلة لبيبة، ثم تنادي فتقول: يا عاقلة، فهو معرفة ولكنك نصبته لأنك تحكي أصل النكرة قبل أن تسمى به، فنصب هذا كنصب يا رجلا في الدار ظريفا أقبل، فقولك: يا قادرا لا يعجز، نصبه أيضا كنصب هذا.

والمعنى الذي ذكرناه أخصر، وهو بعد يرجع إلى أنه معرفة بالإشارة. وليس هذا مثل قولك: يا خيرا من زيد، لأن يا خيرا من زيد جميعاً معرفة، ومثل حضرموت، ليس واحدٌ أحق بالمعرفة من الآخر. وقولك: يا حليما لا يعجل، ويا قادرا لا يعجز، الذي أوجب المعرفة إنما هو النعت الذي لا يكون إلا لله جل وعز، فكيف يكون هذا مثله. وهو كقولك: يا رجلاً صالحا كما قال أولا أشبه، لأن هذا نعتٌ ومنعوت مثله، فنصبهما واحد، كما قال أولاً. وهذا الحق. والزائد على يا رجلاً ظريفا، أن النعت خاص لا يكون إلا لله، فبهذا وجبت المعرفة. ولو نعت غير الله جل وعز بنعتٍ لكان إنما يجري على الاسم في معرفته ونكرته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015