والوجه الثالث: أن تضمر ابتداء فتقول: هذا زيد مقبل، كأنك قلت: هذا زيد هو مقبل، هو ابتداء ومقبل خبره.

والوجه الرابع: وهو أردؤها، كأنك أردت أن تخبر أنه زيد وأنه مقبلٌ أيضا، كأنه جمع الأمرين، كأنه جمع أنه زيد وأنه منطلق.

ومن قرأ: شيخا، نصبه على الحال، أي في حال شيخوخته.

وقال أبو عثمان المازني في قوله جل وعز: {قل هو الله أحد} : هو ابتداء، والله ابتداء ثان وأحدٌ خبر الابتداء الثاني، والابتداء الثاني وخبره خبر الابتداء الأول.

فإن قيل: أيكون هو ابتداء والله خبره، وأحدٌ وصف الله؟ قيل: لا يجوز، لأن الله معرفة وأحد نكرة، والنكرة لا تكون وصفا للمعرفة، لأنهما جنسان مختلفان.

ومثل قول أبي حاتم أن أحداً لم يوصف به غير الله فصار معرفة، قول أبي العباس محمد بن يزيد، فإنه سئل عن دعاء الناس: يا حليما لا يعجل، ويا حيا لا يموت، ويا قادرا لا يعجز، هل هذا نكرة، وعلام ينتصب؟ فقال: نصبه كنصب يا رجلا ظريفا إلا أن هذا معرفة. وقولك: يا رجلا ظريفا، نكرة، لأنك إذا قلت يا رجلا ظريفا فهذا لكل من له هذا النعت. والآخر ليس مثل هذا، وهو مثل قولك: يا رجلا في الدار لا يبرح أقبل، إذا كان في الدار جماعة قيام كل يبرح إلا واحدا فإنه يثبت، فعلمت ذاك شائعا فيهم فدعوته. فهو معرفة، لأنه ليس يشركه أحد منهم، فقد شاركهم بأنه في الدار وباينهم بأنه لا يبرح وهم يبرحون. وقد علم المنادى الذي لا يبرح في الجملة، وأنه فيهم. فقولك: يا حيا لا يموت معرفة بالمعرفة المتقدمة أنه لا يشركه في البقاء أحدٌ، وقد يشترك الخلق في الحياة. وكذا يا قادرا لا يعجز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015