للحياة العزيزة الكريمة. فوضع منهاجه الإصلاحي العام القائم على الكتاب والسنة، فكان شعاره في دعوته إلى الحياة: "لَا يصْلُحُ آخرُ هذه الأمةِ إلاَّ بما صلُحَ بهِ أولُها" (*)، فالتغيير عنده، إنما هو استجابة طبيعية من الأمة، للحياة متى أحيينا فيها قيم الإسلام ومبادئه السامية؛ فتغير ما بنفسها، ليغير الله ما بها، فالدين هو الأساس الأول لكل إصلاح وتغيير، وقد قال، موضحا ذلك، ومعللا اختياره الدين، على السياسة، للنهوض بالأمة: "وبعد، فإننا اخترْناَ الخطةَ الدينيةَ على غيرها، عن علمٍ وبصيرةٍ وتمسكًا بما هو مناسبٌ لفطرتِنا وتربيتنِا من النصحِ والإِرشادِ، وبثِّ الخير والثباتِ على وجه واحدٍ والسيرِ في خطٍّ مستقيم.
وما كنا لنجد هذا كلَّه إلا فيما تفرَّغنا له، من خدمة العِلم والدين، وفي خدمتِهما أعظمُ خدمة وأنفعُها للإنسانيةِ عامةً.
"ولو أردنا أن ندخل الميدان السياسي لدخلناه جهرا، ولضربنا فيه المثل بما عرف عنا، من ثباتنا وتضحيتنا، ولقدْنا الأُمةَ كلَّها للمطالبةِ بحقوقها، ولكانَ أسهل شيءٍ علينا أن نسيرَ بها على ما نرسمُه لها، وأن نبلغَ من نفوسها إلى أقصى غاياتِ التأثير عليها؛ فإن مما نعلمُه، ولا يخفى على غيرنا أن القائدَ الذي يقول للأمة: "إنَّكِ مظلومةٌ في حقوقكِ، وإنَّنِي أريد إيصالَكِ إليها" يجد منها ما لا يجده من يقول لها: "إنكِ ضالةٌ عن أصولِ دينِك، وإنَّنِي أريد هدايتَك"، فذلك تُلبِّيهِ كلها، وهذا يقاومه معظمها أو شطرها وهذا كله نعلَمُه، وَلكننا اخترنا ما اخترنا لما ذكرنا وبيَّنّا، وإننا- فيما اخترناه- بإذن الله، لَمَاضُون، وعليه متوكِّلُون" (?).