ترفعون للعلم بناء شامخا، وتشيدون له صرحًا سامقًا. فأسستُم على قواعد الإسلام والعروبة والعلم والفضيلة، جمعيتَكُم هذه، جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
"وحوربت فيكم الفضيلةُ، فسمتم الخسف، وديثتم بالصَّغار حتى ظن أن قد زالت منكم المرُوءَةُ والنجدةُ، وفارقَتْكُم العزةُ والكرامةُ، فرئمتم الضيم، ورضيتم الحيف، وأعطيتم بالمقادة؛ فجئتم بعد قرن، تنفضون غبارَ الذل، وتهَزْهِزون أُسسَ الظلم وتُهَمْهمُون همهمةَ الكريم المحنق، وتُزمجرُون زمجرةَ العزيز المُهان، وتطالِبون مطالبةَ من يعْرفُ له حقًا لابُدَّ أن يُعطَاهُ أو يَأخذَهُ" (?).
حقا! لقد كانت الجزائر في وضع يهدد كيانها بالذوبان والفناء، ذلك أن الاستعمار الفرنسي كما يقول الإمام محمد البشير الإبراهيمي: " ... صليبي النزعة، فهو منذ احتل الجزائر عامل على محو الإسلام، لِأنه الدين السماوي الذي فيه من القوة ما يستطيع به أَن يسُودَ العالَمَ، وعلى محو العربية لأنها لسانُ الإسلام، وعلى محو العروبة لأَنها دعامةُ الإسلام.
وقد استعمل جميعَ الوسائل المؤدية إلى ذلك، ظاهرةً وخفيةً، سريعةً ومتأنيةً، وأوشك أن يبلغَ غايتَه بعد قرن من الزمن متصل الأيام والليالى، في أعمال المحو، لولا أن عاجَلَتْه جمعيةُ العلماء المسلمين الجزائريين، على رأس القرن، بالقاومة لأعماله، والعمل على تغييب آماله" (?).
لقد كانت نظرة ابن باديس الناقدة النافذة، تكشف له عما يكمن في الأمة الجزائرية من عناصر القوة والكمال، مما يؤهلها