طَرِيقٍ، وَكَانَ قَدْ أَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ، فَلَمَّا افْتَرَقْنَا صَادَ أَصْحَابِي ظَبْيًا، فَذَبَحُوهُ، وَشَوُوهُ، فَلَمَّا جَلَسُوا لِيَأْكُلُوهُ إِذَا بِنِسْرٍ قَدِ انْقَضَّ عَلَيْهِمْ، فَاحْتَمَلَ رُبُعَ الظَّبْيِ، قَالُوا: فَأَقْبَلْنَا نَنْظُرُ إِلَيْهِ، ولا نَقْدِرُ عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو تُرَابٍ: فَلَمَّا اجْتَمَعْنَا بِمَكَّةَ، قُلْتُ لَهُمْ: أَيُّ شَيْءٍ كَانَ خَبَرُكُمْ بَعْدِي؟ فَأَخْبَرُونِي خَبَرَهُمْ، وَمَا كَانَ مِنْ قِصَّةِ الظَّبْيِ.

فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنِّي كُنْتُ سَائِرًا فَإِذَا نِسْرٌ قَدْ أَلْقَى لِي رُبُعَ ظَبِيٍ مَشْوِيٍ، فَأَكَلْتُ، وَكَانَ أَكْلُنَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ

قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْبَاقِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعُشَارِيِّ، أَنْبَأنَا ابْنُ أَخِي مِيمِي، حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نُوحٍ، وَكَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ، قَالَ: صَحِبْتُ شَيْخًا فَي طَرِيقِ مَكَّةَ فَأَعْجَبَتْنِي هَيْئَتُهُ، فَقُلْتُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَصْحَبَكَ.

قَالَ: أَنْتَ وَمَا أَحْبَبْتَ.

قَالَ: فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّهَارِ فَإِذَا أَمْسَى أَقَامَ فِي مَنْزِلٍ كَانَ أَوْ غَيْرِهِ، فَيَقُومُ اللَّيْلَ يُصَلِّي، وَكَانَ يَصُومُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، فَإِذَا أَمْسَى عَهِدَ إِلَى جَرِيبٍ مَعَهُ، فَأَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا فَأَلْقَاهُ إِلَى فِيهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا.

وَكَانَ يَدْعُونِي فَيَقُولُ: هَلُمَّ فَأَصِبْ مِنْ هَذَا، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: وَاللَّهِ مَا هَذَا بِمُجْزِئِكَ أَنْتَ، فَكَيْفَ أُشْرِكُكَ فِيهِ؟ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ، وَدَخَلَتْ قَلْبِي هَيْبَةٌ لَهُ عِنْدَمَا رَأَيْتُ مِنَ اجْتِهَادِهِ وَصَبْرِهِ، قَالَ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ، نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ يَسُوقُ حِمَارًا، فَقَالَ: انْطَلِقْ فَاشْتَرِ ذَلِكَ الْحِمَارَ.

قَالَ: فَمَنَعَتْنِي وَاللَّهِ هَيْبَتُهُ فِي صَدْرِي أَنْ أَرُدَّهُ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى صَاحِبِ الْحِمَارِ وَأَنَا أَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَعِيَ ثَمَنُهُ فَكَيْفَ أَشْتَرِيهِ، صَاحِبَ الْحِمَارِ، فَسَاوَمْتُهُ بِهِ، فَأَبَى أَنْ يَنْقُصَهُ مِنْ ثَلاثِينَ دِينَارًا، فَجِئْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: خُذْهُ وَاسْتَخِرِ اللَّهَ، قُلْتُ: الثَّمَنَ.

قَالَ: سَمِّ اللَّهَ، ثُمَّ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي الْجِرَابَ، فَخُذِ الثَّمَنَ فَأَعْطِهِ، فَأَخَذْتُ الْجِرَابَ، ثُمّ قُلْتُ: بِسْمِ اللَّهِ، ثُمَّ أَدْخَلْتُ يَدِيَ فِيهِ، فَإِذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015