فِي وَجْهِ دَارِهِ، يَجْلِسُ عَلَيْهَا فِي الْغَدَاةِ، فَقَالَ عُمَرُ: لا أَرْجِعَنَّ مِنْ وَجْهِي هَذَا حَتَّى تَنْقُلَهُ، وَتَرْفَعَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ عُمَرُ وَجَدَهُ عَلَى حَالِهِ، فَقَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ؟ فَقَالَ: انْتَظَرْتُ أَنْ يَأْتِيَنَا بَعْضُ أَهْلِ مِهْنَتِنَا.
فَقَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتَقْلَعَنَّهُ بِيَدِكَ، وَلَتَنْقُلَنَّهُ عَلَى عَاتِقِكَ، فَلَمْ يُرَاجِعْهُ وَفَعَلَ ذَلِكَ.
فَقَالَ عُمَرُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعَزَّ الإِسْلامَ بِرَجُلٍ مِنْ عَدِيٍّ يَأْمُرُ أَبَا سُفْيَانَ سَيِّدَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ بِمَكَّةَ فَيُطِيعُهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنْبَأنَا الْجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ، أَنْبَأنَا ابْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْفَهْمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، أَنْبَأنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَّيِّبِ: " أَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَفَاضَ مِنْ مِنًى أَنَاخَ بِالأَبْطَحِ، وَكَوَّمَ كَوْمَةً مِنْ بَطْحَاءَ فَطَرَحَ عَلَيْهَا طَرَفَ ثَوْبِهِ، ثُمَّ اسْتَلْقَى عَلَيْهَا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ كَبُرَتْ سِنِّي، وَضَعُفَتْ قُوَّتِي، وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ وَلا مُفَرِّطٍ» .
فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ خَطَبَ النَّاسَ.
قَالَ سَعِيدٌ: فَمَا انْسَلَخَ ذُو الْحِجَّةِ حَتَّى طُعِنَ
وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَمَّا كَانَ آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ، حَجَّ بِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَرَرْتُ بِالْمُحَصَّبِ، فَسَمِعْتُ رَجُلا عَلَى رَاحِلَتِهِ يَقُولُ: أَيْنَ كَانَ مَنَاخُ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَسَمِعْتُ رَجُلا آخَرَ يَقُولُ: هَاهُنَا كَانَ.
فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، ثُمَّ رَفَعَ عَقِيرَتَهُ فَقَالَ:
عَلَيْكَ سَلامٌ مِنْ أَمِيرٍ وَبَارَكَتْ ... يَدُ اللَّهِ فِي ذَاكَ الأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ
فَمَنْ يَسْعَ أَوْ يَرْكَبُ جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ ... لِيُدْرِكَ مَا قَدَّمْتَ بِالأَمْسِ يَسْبِقِ
قَضَيْتَ أُمُورًا ثُمَّ غَادَرْتَ بَعْدَهَا ... بَوَائِجَ فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفْتَقِ