لقد أنسى التفريطُ في الدين الكثيرَ من الأمم السابقة ما ذكِّروا به على ألسنة رسلهم، فانحرفوا عن الدين انحرافا كُليا فاستحقوا الهلاك، وفي بيان ذلك يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه العزيز: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ - فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ - فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 42 - 44]
والخلاصة أن الإسلام دين الوسطية والاعتدال لا يقر الإفراط والتفريط في الدين؛ لأنهما خروج عن تعاليمه، فالشريعة الإسلامية شريعة يسر وسماحة تامة وبعد عن التكلف والتعمق وكل ما يورد المسلم شكا في دينه وشريعته وحرجا نابعا عن هذا التعمق والتنطع المؤدي إلى الوسوسة والضيق، فشريعة الله ميسرة وطريق تحصيل الثواب والأجر لا يكون بالقصد إلى المشاق، وتحمل الصعب من الأمور، ولكن بالإخلاص في الامتثال والاقتداء بنبي الرحمة عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
مما سبق نستطيع القول بأن الأمن والاستقرار في أي مجتمع مقرون أشد الاقتران بأخذ هذا المجتمع بمبدأ الوسطية والاعتدال وابتعاده عن الغلو في الدين أو التفريط فيه فما من مجتمع فشا فيه الغلو أو التفريط في أمور الدين، إلا وتعكر الأمن فيه وتزعزعت دعائمه وأصبح الناس فيه غير آمنين على دينهم وأنفسهم وأموالهم. . . فلنأخذ بمبدأ الوسطية والاعتدال في شئون حياتنا لننعم بنعمة الأمن والاستقرار والتقدم والرخاء.
[المطلب الرابع القيام بواجب النصيحة بالأسلوب الشرعي مع مراعاة التلازم] بين نصيحة ولي الأمر والدعاء له