التزام جانب الوسطية والاعتدال والابتعاد عن الإفراط والتفريط في الدين من أهم الضمانات اللازمة لاستمرار نعمة الأمن والاستقرار في بلادنا، وكما هو معلوم فإن الوسطية والاعتدال خاصة من أبرز خصائص الإسلام، وهي وسام شرف الأمة الإسلامية، ومن أبرز مميزات الوسطية، الأمان ولذا، يُقال الوسطية تمثل منطقة الأمان والبعد عن الخطر، فالأطراف عادة تتعرض للخطر والفساد، بخلاف الوسط فهو محمي ومحروس بما حوله، كما أن من أهم مميزات الوسطية في الإسلام كون الوسطية دليل القوة، فالوسط مركز القوة، ألا ترى أن الشباب الذي يمثل مرحلة القوة والحيوية وسط بين ضعف الطفولة، وضعف الشيخوخة، والشمس وسط النهار أقوى منها في أول النهار وآخره. قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]
بهذه الآية الكريمة حدد الحق تبارك وتعالى هُوية هذه الأمة، ومكانتها بين الأمم، لا إفراط ولا تفريط، لا إهمال ولا تطرف، لا تكاسل ولا غلو، بل اعتدال في كل شأن من شؤون الأمة.
لقد كان السلف الصالح من هذه الأمة الشهيدة على الناس أحسن الناس تصورا للوسط وفهما للشريعة والعقيدة على هذا الأساس الراسخ، كما كانوا في حياتهم اليومية أكثر الناس تمسكا بهذا الأصل، وهو التوسط بلا غلو ولا انحلال، تشهد على ذلك سيرتُهم وحياتهم من أخذ بأصول الخلاف العلمي وآدابه وبالخلق الإسلامي الرفيع.
وإذا كان الإسلام يدعو إلى الوسطية فإنه يُحَذر كل التحذير من كل ما يتعارض معها من إفراط وتفريط.