من هنا فإن الصدق من أهم مقومات المواطنة الصالحة التي تبني ولا تهدم وتثبت نعمة الأمن والاستقرار ولا تزعزعها.
الصبر: والصبر سلاح المؤمن على تحمل الحياة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200] (?) . وقال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ - الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 155 - 156] (?) .
والآيات في كتاب الله تحض على الصبر، وأتبعها الرسول الكريم في سنته بكثير من الأحاديث، ويقوم الفكر الإسلامي في التركيز على الحض على الصبر على حقيقتين مهمتين: الأولى تتعلق بطبيعة الحياة الدنيا فإن الله تعالى لم يجعلها دار جزاء وقرار بل جعلها دار تمحيص وامتحان، والحياة فيها صراع مستمر يحتاج إلى صبر لا يعرف الكلال.
الثانية تتعلق بطبيعة الإيمان وهو صلة بين العبد وربه لا بد أن تخضع للارتباك الذي يمحصها ويكشف عن أصالتها أو زيفها.
على هاتين الحقيقتين يقوم الصبر، ومن طبع الإنسان الجزوع أنه لا يقدر على الصبر، ولمكانة الصبر في الإسلام اقترن بالشكر {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [الشورى: 33] (?) واقترن بالتوكل {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 42] (?) وبالتقوى {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: 186] (?) .
والصبر هو النور الذي يهدي إلى الطريق المستقيم ويساعد على حل المشكلات ويمنع الاكتئاب النفسي الذي هو سمة من سمات العصر الذي نعيشه، وهو مانع القلق النفسي المدمر الذي يعد بحق أحد أسباب الفوضى الاجتماعية المؤدية إلى انفلات حبل الأمن واضطراب الأحوال.