"كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على وجه واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه, وأمثال. فأحلوا حلاله, وحرموا حرامه، واعتبروا بأمثاله, وآمنوا بمتشابهه, وقولوا: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} 1. قال ابن عبد البر: "وهو حديث عند أهل العلم لا يثبت، وهو مجمع على ضعفه"2.
وكل هذا يهون أمام تلك المشكلة الخطيرة التي أثارها بعض أئمة المفسرين عن حسن نية, ففتحوا بها الباب على مصراعيه لشبهات المستشرقين وضعاف الإيمان من المؤمنين، وتتمثل هذه المشكلة في حصر هذا الفريق من العلماء المراد من الأحرف السبعة في "سبعة أوجه من المعاني المتفقة، بالألفاظ المختلفة, نحو أقبل وهلم وتعال, وعجل وأسرع, وأنظر وأخر وأمهل، ونحوه"3. وظاهر لفظ الطبري في تفسيره ربما أفاد هذا، فهو يستشهد بقوله عليه الصلاة والسلام لابن الخطاب: "يا عمر، إن القرآن كله صواب ما لم تجعل رحمة عذابا أو عذابا رحمة" 4, فكان لا بد أن يتثبت المستشرقون بهذا ليؤكدوا "أن نظرية القراءة بالمعنى كانت بلا ريب أخطر نظرية في الحياة الإسلامية لأنها أسلمت النص القرآني إلى هوى كل شخص، يثبته على ما يهواه"5.
وفي هذا حمل للنصوص على غير وجهها الحقيقي، فليست النظرية هنا مما يصح حقا أن يسمى "القراءة بالمعنى"6 كما نفهمه مثلا في رواية