قوله بأن ترتيب السور اجتهاد منهم فآل الخلاف إلى أنه: هل ذاك بتوقيف قولي أو بمجرد استناد فعلي؟ "1.
وأما الرأي الذاهب إلى أن الترتيب على قسمين توقيفي واجتهادي فلا يستند القسم الاجتهادي فيه إلى دليل صحيح، وهو على كل حال قسم ضئيل لا يكاد يؤبه له، فإذا قال القاضي أبو محمد بن عطية: "إن كثير من السور كان قد علم ترتيبها في حياته صلى الله عليه وسلم، كالسبع الطول2 والحواميم والمفصل"3، رأي أبوجعفر بن الزبير4 أن القسم التوقيفي لابد أن أني يكون أكبر من هذا، وأن القسم الاجتهادي هو الأقل. ويفهم هذا بوضوح من قوله: "الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية ويبقى منا قليل يمكن أن يجري فيه الخلاف"5.
وهذا القليل الذي يمكن أن يجري فيه الخلاف يعتمد على حديث ضعيف جدا، بل هو حديث لا أصل له، يدور إسناده في كل رواياته على"يزيد الفارسي" الذي رواه عن ابن عباس"6، ويزيد الفارسي هذا "يذكره البخاري في الضعفاء، فلا يقبل منه مثل هذا الحديث ينفرد به، وفيه تشكيك في معرفة سور القرآن، الثابتة بالتواتر القطعي قراءة وسماعا وكتابة في المصاحف، وفيه تشكيك في إثبات البسملة في أوائل السور، كأن عثمان كان يثبتها برأيه وينفيها برأيه، وحاشاه من ذلك! فلا علينا إذا قلنا: إنه "حديث