الآية"1.
على هذا المنوال ظل القرآن ينزل نجوما، ليقرأه النبي صلى الله عليه وسلم على مكث ويقرأه الصحابة شيئا بعد شيء، يتدرج مع الأحداث والوقائع والمناسبات الفردية والاجتماعية التي تعاقبت في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم خلال ثلاثة وعشرين عاما على الأصح، تبعا للقول بأن مدة إقامته عليه الصلاة والسلام، في مكة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة. أما إقامته بالمدينة فهي عشر سنين اتفاقًا: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، ثم أمر بالهجرة عشر سنين، ومات وهو ابن ثلاث وستين2، وقدر بعضهم مدة نزول القرآن بعشرين سنة، وبعضهم بخمس وعشرين، وبنوا هذا على أن إقامته عليه الصلاة والسلام، بمكة بعد البعثة كانت عشر سنين أو خمس عشرة سنة3.
وقد بدأ نزول القرآن -كما قال الشعبي4- "في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك منجما في أوقات مختلفة من سائر الأوقات"5. والشعبي يجمع في هذا الرأي بين قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} 6 وقوله: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} 7، وهو فهم سديد لا يتضارب مع إخبار الله بإنزال كتابه في ليلة مباركة، وفي شهر رمضان، إذ يكون المراد