العلماء بالنصرانية ومن أقارب السيدة خديجة لقيه في مكة على أثر نزول الوحي عليه أول مرة.

وكل الذي صح في أمر هذين الرجلين أن الرسول لقي أولهما بحيرا وهو ابن تسع سنين، وقيل: ابن اثني عشرة مرة واحدة، وكان معه عمه أبو طالب, وقال هذا الراهب لعمه: سيكون لابن أخيك هذا شأن عظيم؛ وأنه عليه الصلاة والسلام لقي الثاني ورقة عقب إخباره خديجة بما رآه في غار حراء، فقد انطلقت به إلى ورقة، وكان شيخا كبيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: يابن عم اسمع من ابن أخيك: فقال له ورقة: يابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس -أي: أمين الوحي- الذي نزل الله على موسى. ولم يلبث ورقة أن توفي1.

حسبنا -لتفنيد هذين الزعمين- أن نتذكر أن النبي الكريم لم يلق الرجلين سرا في خفاء، بل كان معه في كل مرة رفيق، فقد شهد أبو طالب لقاءه لبحيرا، وشهدت خديجة لقاءه لورقة، فما عسى أن يكون النبي تعلم في هذين اللقاءين من علوم الغيب والتاريخ؟

ولا حاجة بنا إلى تجشيم أنفسنا عناء الرد على مبالغات بعض المستشرقين حول كثرة اليهود والنصارى بمكة، فقد رد عليهم من بينهم باحثون منصفون أكدوا أن من الحمق التهويل في هذا الشأن ما دام الرسول الكريم لم يلق أحبار اليهود ولا رهبان النصارى، ولم يثبت اتصاله بهم.

وأهون من هذا كله ما يعرض به الشكاكون المرتابون إلى القوافل التجارية في رحلتي الشتاء والصيف، وما كانت تحمله -بزعمهم- من أخبار الأمم الماضية وقصص الملل الخالية: فما عهدنا تجار العرب يعنون بلقاء الأحبار ومجالسة رجال "اللاهوت"2. أما محمد نفسه فلم يذهب إلى الشام إلا مرتين: أولاهما في طفولته مع عمه كما أسلفنا، والأخرى في تجارة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015