فلا يقابل خفتها وارتفاعها إلا هاوية سحيقة منخفضة في الدرك الأسفل من النار الحامية التي لا يكون للمجرم في ذلك الهول أم سواها يلجأ إليها ويعتصم بها. وساءت ملجأ ومعتصمًا!.
ومن المجاز اللغوي إطلاق اسم الكل على الجزء, نحو {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} 1 أي: أناملهم، ونكتة التعبير عنها بالأصابع الإشارة إلى إدخالها على غير المعتاد مبالغة في الفرار2، وفي ذلك تصوير لحالتهم النفسة وما أصابهم من الذعر والهلع وهم يولون هاربين.
ومن الغريب حقا أن بعض العلماء أنكروا وقوع المجاز في القرآن "منهم الظاهرية3 وابن القاص4 من الشافعية، وابن خويز منذاذ5 من المالكية، وشبهتهم أن المجاز أخو الكذب والقرآن منزه عنه، وأن المتكلم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير، وذلك محال على الله". لكن الذين تذوقوا جمال الأسلوب القرآني يرون أن هذه الشبهة باطلة، "ولو سقط المجاز من القرآن لسقط منه شطر الحسن, فقد اتفق البلغء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة، ولو وجب خلو المجاز من القرآن لوجب خلوه من الحذف والتوكيد وتثنية القصص وغيرها"6.
وإذ كان بعض العلماء يعتبر الكناية ضربا من ضروب المجاز، أنكر وقوعها في القرآن منكرو المجاز فيه. ولكن للكناية مفهوما آخر غير مفهوم