يذكر السيوطي في هذا الباب تعريف التشبيه وأدواته وأقسامه باعتبار طرفيه وباعتبار وجهه، حتى إذا قسمه باعتبار وجهه إلى مفرد ومركب قال: "والمركب أن ينتزع وجه الشبه من أمور مجموع بعضها إلى بعض، كقوله: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} 1 فالتشبيه مركب من أحوال الحمار، وهو حرمان الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمل التعب في استصحابه، وقوله: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} إلى قوله: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} 2: فإن فيه عشر جمل وقع التركيب من مجموعها بحيث لو سقط منها شيء اختل التشبيه، إذ المقصود تشبيه حال الدنيا في سرعة تقضيها، وانقراض نعيمها، واغترار الناس بها، بحال ماء نزل من السماء، وأنبت أنواع العشب، وزين بزخرفها وجه الأرض كالعروس إذا أخذت الثياب الفاخرة، حتى إذا طمع أهلها فيها وظنوا أنها مسلمة من الجوائح أتاها بأس الله فجاءة, فكأنها لم تكن بالأمس"3.
وإنه ليعنينا أن نقف قليلا عند تشبيه الحياة الدنيا، فلقد أصاب السيوطي في استخلاص وجه الشبه، وتقسيمه هذا التركيب القرآني إلى عشر جمل،