بعض العلماء أن يتصور عاما باقيا على عمومه غير قابل للتخصيص1.
وحاول السيوطي أن يستنبط من القرآن مثالا على ذلك فوجده في الآية: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ} 2.
إلخ، فالعموم مقصود في جميع المحارم المذكورة. ولم يكن الأمر محوجا إلى هذا الجهد وذلك العناء، فالعام الباقي على عمومه موجود في القرآن، ولكنه قليل بالنسبة إلى العام المراد به الخصوص، ومن أمثلة الباقي على عمومه قطعا هذه السنن الإلهية التي لا تحتمل التخصيص ولا التبديل في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ} 3 وقوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} 4, وقوله: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} 5.
ومن المحقق أن العام غالبا تصحبه قرينة تمنع بقاءه على عمومه، نحو {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} 6، فلا يراد من أهل المدينة والأعراب إلا القادرون على الجهاد، أما العجزة فلا يشملهم التعبير، لأن العقل يقضي بخروجهم، ومثل ذلك قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} 7 فلا يراد بالناس إلا المكلفون، أما الصبية والمجانين فالعقل يقضي كذلك بخروجهم، ومن العام الذي يراد به الخصوص ما يكون فيه الانقال من العموم لغرض بلاغي يزيد التعبير جمالا، والفكرة