أ- نقصد بعام القرآن، اللفظ الذي نجده فيه دالا -في أصل وضعه اللغوي- على استغراقه جميع الأفراد التي يصدق عليها معناه من غير حصر كمي ولا عددي1، فإذا قال تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} 2 فلفظ "رجل" ليس بعام، لأنه يدل على فرد واحد معين، وإذا قال: {فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} 3 فلفظ "رجلين" ليس بعام كذلك لأنه يدل على شخصين معينين، ومثل ذلك يقال في "رجال" في قوله تعالى: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ} 4، وفي "أمة" في قوله: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} 5 وفي "ألف" في قوله: {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} 6 لأن هذه الألفاظ تدل على كمية محصورة أو عدد معين, ولا تدل على الشمول والاستغراق، فليس فيها إذن معنى العموم.
والقرآن الذي نزل بلسان عربي مبين، يعبر عن العام بالألفاظ التي وضعها العرب لإفادة الشمول والاستغراق. وقد دل الاستقراء على أن الألفاظ العموم7 لا تخرج عن هذه التي سنذكرها تباعا مع التمثيل من النصوص القرآنية.
أولا: لفظ كل، وجميع، وكافة، وما في معناها، نحو {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} 8، {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} 9، {ادْخُلُوا