والأدبية، ليتتبعوا بلذة وشغف طريقة القرآن في الأداء والتعبير.

وأول ما ينبغي معرفته من هذه المصطلحات منطوق القرآن ومفهومه، لأنهما يفصلان أنواع الدلالة القرآنية المستفادة من اللفظ والمستنبطة من المعنى، فيشملان النص والظاهر والمؤول، وفحوى الخطاب ولحنه، ومعاني الوصف والشروط والحصر، وسنوضح هذه المسألة "بنماذج" مختلفة نجمعها مما تفرق في ثنايا كتاب الله الحكيم.

قالوا في تعريف المنطوق: "إنه ما دل عليه اللفظ في محل النطق"1. فلاحظوا في تعريفه أن التلفظ بالآية هو وحده منفذنا إلى دلالتها. وذلك واضح جدا في "النص" الذي لا يحتمل اللفظ غيره، كدلالة قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} 2، فلا يمكن أن يحتمل الفظ غير كمال الأيام العشرة التي نطقت بها الآية ونصت عليها.

وحتى ما يسمى "بالظاهر" الذي يفيد معنى متبادرا مع احتمال غيره احتمالا مرجوحا، هو نوع من المنطوق, لأن دلالته على معناه المتبادر الراجح إنما تتم في محل النطق نفسه، لأن الراجح من اللفظ المنطوق يقدم على مرجوحه، يوضح ذلك قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} 3 فالباغي يطلق على معنيين، أحدهما مرجوح وهو الجاهل، والثاني راجح وهو الظالم، لأنه هو الظاهر المتبادر من سياقه الآية4. و"المؤول" الذي يستحيل حمله على ظاهره فيصرف إلى معنى آخر يعينه السياق هو كذلك نوع من المنطوق, لأن ظاهره المستحيل مرجوح, ومعناه الذي يعنيه السياق راجح يكاد اللفظ نفسه ينطق به وينبئ عنه، من ذلك قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015