إلى آية في سورة الأحقاف ثبت حكمها بزعمهم ست عشرة سنة قبل أن ينسخها أول سورة الفتح، وهي قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} 1، فابن سلامة يرى أن أول هذه الآية محكم، أما المنسوخ منها فهو قوله: "وما أدري ما يفعل بي ولا بكم" ويقرر أنه عليه الصلاة والسلام عمل بها بمكة عشر سنين وعيره المشركون، فهاجر إلى المدينة، فبقي ست سنين يعيرونه، وكان المشركون يقولون: كيف يجوز لنا اتباع رجل لا يدري ما يفعل به ولا بأصحابه؟ ثم نزل أول سورة الفتح فنسخ هذه الآية، واستنتج منه المشركون أن النبي أمسى يعلم ما يفعل به وبأصحابه! 2.

وإن هذا التساهل في نسخ كلام الله، وفي تحديد مدد زمانية للعمل بمنسوخه قبل نسخه، وفي ترديد الآيات بين مدلولها لدى تنزيلها أول مرة ومدلولها بعد تبديل حكمها بآيات أخرى تنزلت عقبها بزمن يطول أو يقصر، حمل الغير على كتاب الله على أن يستبعدوا ما استطاعوا شبح النسخ المخيف، كأنه في نظرهم يعادل البداء، أو كأنه -على الأقل- معبر طبيعي إلى القول بالبداء، والإذن للجهلة في كل زمان ومكان بالخلط بين النسخ بأسراره الحكيمة والبداء بكل قبحه وفساده ودلالته على الجهل!.

إن البداء يصدر عن الذي يرى الرأي ثم يبدو له3، وقد فر اليهود من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015