النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ" 1.

ومن ذلك اشتباه البيان على بعضهم بالنسخ في مثل قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} 2 فقد عدوه ناسخا لآية متأخرة عنه في ترتيب المصحف في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} 3، والتحقيق أن ليس ههنا ناسخ ومنسوخ، وإنما بينت الآية الأولى ما لا يعد ظلما من أكل أموال اليتامى4.

ولعل أعجب العجب أن تطوع للمفسرين أنفسهم القول بالتناسخ حتى في الأخبار مع أن العقل لا يكاد يتصور كيف يمكن تبديل الواقعة الثابتة بكل ما حدث فيها من أعمال وما جرى خلالها من أقوال: فها هم أولاء يعدون آية السيف ناسخة أيضا قوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} 5 وهو -كما يتضح من سياق الآية- حكاية لما أخذ على بني إسرائيل من الميثاق! 6.

وآخر ما تنافس فيه عشاق النسخ إماطة اللثام عن الآيات المنسوخة التي طالت مدة العمل بها قبل نسخ حكمها، وإذا هم يهتدون -وليتهم لم يهتدوا! -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015