فمن المبالغات أنهم قطعوا أوصال الآية الواحدة، فزعموا أن أولها منسوخ وآخرها ناسخ، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} 1 فإن آخر الآية يدعو إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو بذلك ناسخ -في نظر ابن العربي- لأولها الذي صرح الله فيه بقوله: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} 2، بل زعم ابن العربي أيضا أن قوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} 3 أوله وآخره منسوخان ووسطه محكم4.

ومن المبالغات العجيبة إدراجهم في عداد المنسوخ ما أبطله القرآن من عادات الجاهلية وتقاليدها كتحريم نساء الآباء5، وتشريع الدية6 والقصاص7 وحصر الطلاق في الثلاث8، وما رفعه من شرائع من قبلنا كإباحة بعض المطعومات التي كانت محرمة عليهم، وقد رجح المحققون من العلماء إخراج هذا كله من عداد الناسخ، ووجهوه بأن ذلك لو عد فيه لعد جميع القرآن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015