تعالى: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} 1، ويأتي بمعنى التبديل كقوله: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} 2, وبمعنى التحويل كتناسخ المورايث3، ويأتي أخيرا بمعنى النقل من موضع إلى موضع، ومنه: "نسخت الكتاب" إذا نقلت ما فيه حاكيا للفظه وخطه4. وقد أنكر بعض العلماء هذا الوجه الأخير، محتجا بأن الناسخ فيه لا يأتي بلفظ المنسوخ, وإنما يأتي بلفظ آخر5. لكن السعدي6 احتج لمن أخذ به بقوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} 7 مع قوله: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} 8، وما أم الكتاب -في نظر السعدي- إلا اللوح المحفوظ أو الكتاب المكنون الذي {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} 9، فقد أتى ناسخ القرآن فيه بلفظ المنسوخ فيما نزل من الوحي نجوما من أم الكتاب10.
ومنشأ الجدل في تعريف النسخ يرتد إلى ما بين تحديد الكلمة لغة وتحديدها اصطلاحا من ارتباط لا بد أن يلحظ، لئلا يكون استخدام القرآن مثل هذه اللفظة في قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} 11 جاريا على غير أسلوب العرب في التعبير عن قضية لها في الإسلام خطر كبير.