الحجر1 الذين كذبوا صالحا وأعرضوا عنه، وألهاهم الأمل الكاذب فيما نحتوه من البيوت المحصنة في صلب الصخور، ثم أتت على حصنهم صيحة طاغية فدمرتها تدميرًا وهم فيها آمنون في سكون الصبح الجميل.

وإذا لم يكن للمشركين في هذا القصص عبرة، فليكن لمحمد فيه أسوة حسنة, وليتسل به عما يلقاه من قومه، وليكتشف من خلاله الحق الذي أقام الله عليه السموات والأرض، وليصفح الصفح الجميل عن أعدائه الجاهلين, وليمض في طريق الدعوة إلى الله ولينذر الغافلين، وليصرف بصره عن متاع الغرور قانعا بما آتاه الله من السبع المثاني2 والقرآن العظيم، وليجهر بالوحي الذي أنزل الله مثله على قلوب النبيين، فإن العاقبة للمتقين.

وإننا -إذ نختم بسورة "الحجر" تحليلنا السريع لما اخترناه من سور المرحلة المتوسطة- لا يغيب عنا أن انفرادها بميزة الطول النسبي إرهاص لما سنلمحه في المرحلة الأخيرة من طول نسبي أيضا حتى ليصعب التمييز بين سور المرحلتين في هذه الخصيصة ولا سيما إذا لاحظنا أن الفصل بين مختلف الزمر أمر اعتباري ليس له من الواقع نصيب، فكل مرحلة امتداد للتي سبقتها ولا يبدو هذا الامتداد أوضح ما يكون إلا في السور الأولى من المرحلة الجديدة, حين تقابل بسماتها المستقلة وملامحها المتميزة السور الأواخر من المرحلة السابقة.

ولا يغيب عنا أيضا أن افتتاح سورة "الحجر" بالحروف المقطعة إرهاص لكثير من سور المرحلة الثالثة المفتتحة بهذه الحروف. وذلك يؤكد ما كنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015