وفي سورة "العاديات"1 يقسم الله بخيل الغارة التي تعدو في ساحة المعركة ضابحة صاخبة لاهثة الأنفاس، وتصك الصخر بحوافرها صكا يقدح النار ويوري الشرر، وتقتحم أرض العدو بغارة صباحية مفاجئة تثير
بها الغبار, وتتوسط الجموع وتجوس خلال الديار، ثم تملأ الصفوف ذعرًا وتلجئهم إلى الفرار2 ... يقسم الله بهذه الخيل العاديات الصاخبات الثائرات على أن الإنسان جاحد نعمة ربه يقيم من نفسه شاهدا على جحوده، ولا يحمله على هذا الكفر إلا ما فطر عليه من حب المال والخير ومتاع الحياة، فليطلق الإنسان نفسه من أغلالها، وليطف بخياله مشهد مصيره المحتوم ومصائر إخوانه البشر أجمعين حين يبعثون من مراقدهم، فتبعثر قبورهم، وتحصل أسرار صدورهم ويخبرهم ربهم بكنودهم وجحودهم، ويجزون سؤء العذاب على ما قدمت أيديهم.
وفي سورة "التكاثر" إنذار رهيب للغافلين اللاهين الذين يتكاثرون بالأموال والبنين، حتى ينتهوا إلى زيارة المقابر الضيقة, فلا يجدوا في حفرها المظلمة فرصة للتنافس. إن الهول الأكبر سيحيق بهم فيستيقظون على حقيقته الرهيبة بعد أن طالت سكراتهم، ويرون الجحيم وعذابها بأم أعينهم، ويستصغرون -وهم يعاينون العذاب المقيم- كل ما أصابوه من ألوان النعيم3.
وفي سورة "النجم"4 تصوير دقيق لحقيقة الوحي وطريقة تلقيه،